"عيب يا بابا عيب يا ماما، وش يقولون علينا الناس"!
هذه الكلمات التي تعود على سماعها في صغره، لذلك نشأ وعينه على الآخرين، فهؤلاء الآخرون هم رقيبه الذاتي وتقبلهم له هو المطلوب. تعلم في مراهقته وحين كان للأصحاب سلطة ذهنية أقوى من سلطة عقله أو منطقه، أنه في الخفاء وبعيدا عن أعين الناس يمكنه أن يفعل ما يريد كأن يدخن مثلا! كان هو وأصحابه ينتظرون خلو الطريق من المارة حتى يكتبوا عبارات خارجة على جدار منزل أحد الجيران وينطلقون متضاحكين وكل منهم يسأل الآخر:"شافك أحد.. لأ ما شافنا أحد"!. حين امتلك أول سيارة كان هو وأصحابه - ضميره- يجوبون الطرقات بحثاً عن عيون كحيلة تطالعهم، وكانت الأحاديث الهاتفية السرية مع صاحبة رقم مجهول تشاركه نفس القناعات وتعرف جيدا معنى كلمة عيب هي مغامرة يومية يتبادل حكايتها مع أصحابه ويخفيها عن أقربائه وأهل بيته! فمكانته العائلية كالأخ الأكبر أو الابن الأوسط أو صغير العائلة المدلل مهمة جدا، كما أنه تعلم أهم درس في الحياة ورسخ في ذهنه هو أن العيب لا يكون عيباً إذا اختفى عن أعين الناس أو إذا تغير الناس أو تغير المكان! هذا ما علمه إياه أبوه، وهذا ما قالته له أمه وهذا ما يذكره به أصحابه وهذا هو شعار حياته!
لذلك وبعد أن كبر واشتد عوده أصبح يتحدث عن الأخلاق الحميدة وهو لا يعرف منها إلا اسمها! فهو يجيد الانتقاد والحديث عن الآخرين، فهذا فاسق والآخر حرامي والثالث مشكوك في سمعته وله بعض التحفظ على أخلاقه أما الرابع فهو لا يعرف كيف يخفي حقيقته عن الناس وكأن مهمتنا في الحياة هي أن نخفي حقيقتنا عن الآخرين! وقائمة انتقاداته كثيرة، لكن صاحبنا وأمثاله رجالا ونساء لا يجدون الوقت ليطالعوا أنفسهم في المرآة ولا يفكرون في أن "العيب" ليس قطعة صلصال تتغير بلمسة يد أو باختلاف درجة الحرارة! فأنت لست بحاجة لعيون الآخرين كي تمارس حق الرقابة عليك، فضميرك ومبادئك وقناعاتك هي رقيبك الذاتي وقبل كل ذلك خوفك من الله. أليس كذلك؟
م
ن
ق
و
ل